languageFrançais

تنافس سعودي إماراتي.. ماذا يحدث في اليمن؟

تطورات متسارعة في الملف اليمني، شهدتها الساعات الأخيرة ! ملف شديد التعقيد تتصارع فيه عدة أطراف، من بينها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمدعومة من السعودية، وما يعرف بـ''المجلس الانتقالي الجنوبي''، الذي يطالب بإدارة ذاتية أو انفصال الجنوب، ويحظى بدعم إماراتي.

جنوب اليمن ومستقبله، يعد أحد أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين السعودي والإماراتي، فما الذي نعرفه حتى الآن عما جرى في اليمن؟

عملية عسكرية سعودية.. تدمير أسلحة وعربات قتالية

30 ديسمبر 2025، نفذت ما يعرف بـ''قوات التحالف'' عملية عسكرية محدودة استهدفت أسلحة وعربات قتالية بعد وصولها من ميناء الفجيرة الإماراتي على متن سفينتين إلى ميناء المكلا الخاضع لسيطرة ''المجلس الانتقالي'' في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، وفقا لما ذكر المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي.

وأكد المتحدث الرسمي أن السفينتين القادمتين من ميناء الفجيرة دخلتا ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف .

_______قوات التحالف بقيادة السعودية، المعروفة رسمياً بـ"تحالف دعم الشرعية في اليمن"، هي ائتلاف عسكري عربي تشكل في 2015 استجابة لطلب الرئيس اليمني الشرعي لدعم الحكومة ضد الحوثيين، ويضم دولاً مثل الامارات الأردن ومصر والسودان، ويُعد أكبر قوة عسكرية في التحالف، وتنفذ عمليات برية وجوية وبحرية._______

 

 

دعوة الإمارات إلى سحب قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية

بعد الاعلان عن تنفيذ عملية عسكرية استهدفت اسلحة في ميناء المكلا، أصدرت المملكة العربية السعودية بيانا دعت فيه الإمارات العربية المتحدة إلى ''الاستجابة لطلب الجمهورية اليمنية بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال أربعة وعشرين ساعة".

وأعربت المملكة العربية السعودية في البيان عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، لدفعه للقيام بعمليات عسكرية على الحدود  الجنوبية للمملكة في محافظتي حضرموت والمهرة، وهو ما اعتبرته ''خطوة بالغة الخطورة''، وعدته تهديدا للأمن الوطني للمملكة والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة، وذكرت أنه لا ينسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا يخدم جهوده في تحقيق الأمن والاستقرار.

من جانبه، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حالة الطوارئ في كافة أراضي اليمن ابتداءً من الثلاثاء ولمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، معبرا عن تأييد الحكومة اليمنية لمواقف السعودية لاحتواء التصعيد في حضرموت والمهرة.

_________مجلس القيادة الرئاسي، هو مجلس تنفيذي أعلى يمني، شكله الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بقرار جمهوري بتاريخ 7 أفريل 2022، حيث تنازل بموجب القرار عن كامل صلاحياته الرئاسية وصلاحيات نائب الرئيس لصالح المجلس، الذي شكل برئاسة رشاد محمد العليمي وعضوية 7 أعضاء بدرجة نائب رئيس ويقوم المجلس بمهام ''إدارة اليمن سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا طوال المرحلة الانتقالية'' وقد رحبت السعودية حينها بقرار الرئيس اليمني نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي الجديد_______ .

أسف واستهجان ينتهي بسحب فرق مكافحة الإرهاب

ردت وزارة الخارجية الإماراتية، بدورها على بيان السعودية، وأعربت عن ''أسفها الشديد'' لما ورد في البيان السعودي، ''وما تضمنه من مغالطات جوهرية حول دورها في الأحداث الجارية باليمن''. ورفضت دولة الإمارات في البيان الزجّ باسمها في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية، واستهجنت "الادعاءات التي وردت بشأن القيام بالضغط أو توجيه أي طرف يمني للقيام بعمليات عسكرية تمس أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة".

وأكدت حرصها الدائم على أمن واستقرار السعودية، ورفضها لأي أعمال من شأنها تهديد أمنها أو أمن الإقليم، وحرصها "على التنسيق الكامل مع الأشقاء في المملكة".

وأصدرت بعد ذلك بيانا ثانيا أكّدت فيه إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن "بمحض إرادتها بالتنسيق مع الشركاء"، مشدّدة في السياق ذاته على أنّ الوجود الإماراتي في اليمن جاء بدعوة من الحكومة الشرعية وضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، مع الالتزام الكامل باحترام سيادة الجمهورية اليمنية.

 

الانتقالي الجنوبي يُندّد

قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في وادي وصحراء حضرموت محمد عبد الملك الزبيدي، إن "ما حصل من قصف لميناء المكلا اعتداء سافر على حضرموت وأهلها"، مؤكدًا أن الإمارات دولة حليفة وصديقة، ولا يعقل مجازاتها بالمطالبة بالخروج من حضرموت.

وأضاف، في مداخلة لقناة الجزيرة، أن القيادة الشرعية ''أصبحت عدوًا واضحًا'' لأنها ''تحرّض السعودية عليهم''، مشددًا على أن الانتقالي الجنوبي مستعد لأي حوار على أساس قاعدة الشراكة الكاملة مع مناطق الجنوب.

وكانت قوات "الانتقالي الجنوبي"، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، قد نفذت تحركات عسكرية مفاجئة أوائل ديسمبر الجاري، أعلنت على إثرها السيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة، قبل أن تؤكد رفضها دعوات محلية وإقليمية للانسحاب.

مواقف إقليمية ودعوات للتهدئة

وصدرت دعوات إقليمية إلى التهدئة وضبط النفس، من بينها تصريحات إيرانية شددت على أهمية حماية المدنيين والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته، وهو ما أعاد الجدل حول أدوار القوى الإقليمية المختلفة في الأزمة اليمنية.

من جانبها، شددت كل من قطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين ومصر على وحدة اليمن واستقرار المنطقة.

كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، بيانا أكّدت فيه أنّ الوزير ماركو روبيو بحث مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الوضع في اليمن وقضايا أوسع نطاقًا تؤثر على أمن واستقرار المنطقة.

ودعت جامعة الدول العربية إلى الوقف الفوري للتصعيد في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، محذّرة من تداعيات خطيرة قد تترتب على استمرار التوتر.

وناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط جميع الدول الأعضاء في تحالف دعم الشرعية ضرورة الحفاظ على روح التضامن العربي في هذا الظرف الدقيق، وتغليب ضبط النفس، والتمسك بالموقف العربي الموحد الداعم للشرعية اليمنية، التزامًا بقرارات مجلس جامعة الدول العربية المتواترة بشأن الأزمة اليمنية

 

 

بعد اليمن.. هل يمتد التنافس السعودي الإماراتي إلى القرن الأفريقي؟

في مارس 2015، قادت السعودية والإمارات تحالفا عربيا واسلاميا أيدته الكثير من الدول العربية والإسلامية بهدف ضرب المد الإيراني في اليمن واستعادة الشرعية الدستورية وإسقاط الانقلاب الحوثي، ولكن سرعان ما تفكك ذلك التحالف، مع اعلان قطر الانسحاب تلتها عمان وتراجعت الكويت كذلك، ثم تبعتهم كثير من الدول العربية كدول المغرب العربي والأردن ومصر، ولم يتبق من التحالف العربي فعلياً، إلا السعودية والإمارات تقفان أمام بعضهما .

في تقرير مطوّل، كشفت مجلة ''فورين بوليسي'' عن تحولات جذرية في العلاقات بين السعودية والإمارات، حيث انتقل التحالف التقليدي بين القوتين الخليجيتين إلى مرحلة ''تنافس'' على النفوذ السياسي والجيواستراتيجي، ما انعكس مباشرة على ملفات اليمن والخليج والقرن الأفريقي.

وقال التقرير الذي نقله عرب جورنال، بعد أن شكّل التحالف السعودي–الإماراتي ركيزة أساسية للسياسات الخليجية المشتركة، برزت اختلافات جوهرية في الرؤى والأهداف، إذ تركز الرياض على حماية حدودها الجنوبية واستقرار اليمن، بينما تسعى أبوظبي لترسيخ نفوذها في المحافظات الجنوبية والشرقية والممرات البحرية الحيوية.

هذا التباين، وفق تحليلات دولية، ليس طارئًا بل يمتد إلى جذور سياسية واقتصادية عميقة، ما يجعل العلاقة بين الطرفين أقرب إلى منافسة طويلة الأمد. وقال التقرير، إن اليمن تحوّل إلى ساحة مركزية لهذا التنافس، خاصة في حضرموت والمهرة، حيث يدعم كل طرف كيانات محلية وفق استراتيجيته الخاصة.

ولم يقتصر الصراع على اليمن، بل امتد إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر والسودان، حيث تتبنى السعودية نهجًا تكامليًا عبر الحكومات الرسمية، فيما تركز الإمارات على بناء قواعد وشبكات نفوذ غير رسمية.

هذه التحولات، بحسب تقارير دولية، تمثل أحد أبرز التحديات أمام استقرار النظام الإقليمي الخليجي، وتؤكد أن التنافس السعودي–الإماراتي بات واقعًا جيواستراتيجيًا يتجاوز حدود اليمن، ليعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط وأفريقيا.

كل هذه التطورات تعكس حساسية المرحلة التي تمر بها الأزمة اليمنية، وما تحمله من تأثيرات لرسم موازين القوى في المنطقة وحتى خارجها على غرار افريقيا كما سبق ذكره، وبينما تتواصل الجهود لاحتواء التصعيد، يبقى المشهد مفتوحا على عدة سيناريوهات.